مفهوم الشخص</SPAN> </SPAN>
فكرة الشخص فكرة قديمة، تعود إلى المرحلتين اليونانية و الرمانية، حيث ارتبطت </SPAN>بمجالات</SPAN> </SPAN></SPAN>
المسرح</SPAN> </SPAN>( يشير الشخص إلى القناع الذي يرتديه الممثل لأداء دور في</SPAN> </SPAN>مسرحية</SPAN> </SPAN>) </SPAN>
الفلسفة</SPAN> </SPAN>( يتحدد الشخص عند أفلاطون مثلا باعتباره يملك صفات يشارك</SPAN> </SPAN>من خلالها في المثل: الخير ، الجمال، الحق، الخ.....) و</SPAN> </SPAN></SPAN>
القانون</SPAN> </SPAN>( الشخص</SPAN> </SPAN>المدني في القوانين الرومانية ). ولكن مع ذلك ظلت فكرة الشخص محدودة بالنظر إلى</SPAN> </SPAN>أنها لم تكن تشمل كل الناس، حيث لم يكن يعترف للعبد، المرأة، وللأجنبي بصفة الشخص.و</SPAN> </SPAN>يمكن القول إنه مع ديكارت بدأت تبلورت معالم المفهوم الحديث للشخص. فمن أجل تأسيس</SPAN> </SPAN>العلوم على أسس متينة خاض ديكارت تجربة الشك: تجربة بدأت بالشك في المعرفة الآتية</SPAN> </SPAN>عن طريق الحس، بسبب خداع الحواس، وانتهت إلى نوع من الشك الجذري، وذلك بالشك في كل</SPAN> </SPAN>شيء. حقيقة واحدة لم يطلها الشك هي قضية: "أنا أفكر إذن أنا موجود ".فقد أتبث</SPAN> </SPAN>ديكارت إذن عن طريق الشك المنهجي أن التفكير</SPAN>
</SPAN>[1]</SPAN></SPAN> باعتباره صفة من صفات النفس هو الشيء الذي يخص الذات و يعكس</SPAN> </SPAN>حقيقتها</SPAN> </SPAN>.</SPAN>
ويمكن أن نستخلص مما سبق أن حقيقة الإنسان كشخص، تتحدد في نظر ديكارت في طبيعة </SPAN>الأنا كشيء مفكر، يتميز بأفعال متعددة و مختلفة ( الشك الفهم، الإثبات، النفي،</SPAN> </SPAN>الإرادة،...الخ) و أن هذا التعدد و الاختلاف في أفعال الأنا لا ينفي</SPAN> </SPAN>وحدته</SPAN> </SPAN>.</SPAN>
غير أن الفيلسوف بليز باسكال </SPAN>أدرك أكثر من غيره من الفلاسفة الطابع</SPAN> </SPAN>الإشكالي للشخص، عندما تساءل حول ما الذي نحبه في شخص ما؟ ففي نظر باسكال عندما</SPAN> </SPAN>نقول إننا نحب شخصا ما, فإننا لا نحب صفاته، لا الجسدية و لا النفسية ، لأن الإنسان</SPAN> </SPAN>يمكن أن يفقد هذه الصفات دون أن يفقد ذاته، فالصفات عموما لا تعكس حقيقة الأنا</SPAN> </SPAN>كشخص. وباسكال هنا يفترض أن هناك ما يمثل حقيقة الأنا كشخص، أي هناك شيء ثابت</SPAN> </SPAN>ومستمر في الإنسان رغم تغير صفاته، هو الذي يمثل هويته الشخصية . من هنا يمكن أن</SPAN> </SPAN>نستخلص من نص باسكال الإشكال التالي</SPAN> </SPAN>: </SPAN>
ما الشخص؟ كيف تحدد حقيقة الأنا كشخص؟ هل تعبر الصفات الجسدية و النفسية عن </SPAN>حقيقة الشخص،وعن هويته؟ ما الذي يكون الهوية الشخصية؟</SPAN>
</SPAN>
المحور الأول</SPAN> </SPAN>
</SPAN>:</SPAN> الشخص و الهوية</SPAN> </SPAN>.</SPAN>
يميز جون لوك </SPAN>بين هوية الإنسان و الهوية الشخصية. فما يحدد هوية</SPAN> </SPAN>الإنسان هو أنه كائن مفكر، عاقل، يملك جسدا. أما الهوية الشخصية، فلا تحدد إلا</SPAN> </SPAN>بالوعي و الذاكرة، التي هي امتداد للوعي في الماضي. ففي نظر لوك يمكن أن يتغير شكل</SPAN> </SPAN>الإنسان. بل يمكن أن يفقد جزءا من جسده، لكنه يظل بفضل وعيه هو ذاته، مطابقا لنفسه</SPAN> </SPAN>. فإذا كان الشخص عند لوك يعني الكائن المفكر، القادر على تأمل ذاته بوصفها مطابقة</SPAN> </SPAN>لذاتها، رغم اختلاف الأزمنة و الأمكنة، و الوعي يشير إلى إدراك الإنسان لما يحدث في</SPAN> </SPAN>ذهنه. فمعنى ذلك أن استمرارية الوعي في الزمان و المكان هي المحدد لهوية الشخصية،</SPAN> </SPAN>حيث أن الوعي يربط في نفس الشخص وجوده و أفعاله الماضية بوجوده و أفعاله</SPAN> </SPAN>الحالية،فيجعل الشخص يبقى هو هو، و متميز عن غيره في نفس الآن.وبكلمة واحدة فالوعي</SPAN> </SPAN>والذاكرة يكونان الهوية الشخصية</SPAN> </SPAN>.</SPAN>
غير أن للفيلسوف شوبنهاور </SPAN>تصور مغاير للهوية الشخصية، فهو يعتبر أن</SPAN> </SPAN>الفلاسفة يحددون الوجود الفعلي للإنسان في المعرفة الواعية، و في الأنا أو في ذلك</SPAN> </SPAN>الجزء المتعالي من الأنا، المسمى نفسا، و خاصة في النفس العاقلة. و يرى شوبنهاور أن</SPAN> </SPAN>الفلاسفة يحاولون بذلك تمييز الإنسان عن الحيوان، لكنه يعتقد أن هذا التصور للإنسان</SPAN> </SPAN>خاطئ، ما دام يعتبر أن ما هو أساسي في الإنسان هو العقل. ويعتقد شوبنهاور</SPAN> </SPAN>كذلك أن فلسفته وحدها تتيح تجاوز هذا الخطأ، وذلك بوضع ماهية الإنسان، و حقيقته</SPAN> </SPAN>كشخص ليس في الوعي، وإنما في الإرادة، وهذه الإرادة ليست شيئا ثانويا أو مجرد وظيفة</SPAN> </SPAN>للعقل، وإنما هي تمثل بالنسبة للعقل ما يمثله الجوهر بالنسبة للعرض</SPAN> </SPAN>.</SPAN>
إن الإرادة في نظر شوبنهاور، هي العنصر الواقعي و الأساسي في الإنسان، </SPAN>أما العقل فهو مجرد أداة للإرادة</SPAN> </SPAN>.